خبير دولي في اللقاحات البيطرية – الرئيس التنفيذي للشركة الدولية للتبادل التجاري الحر iFT – مصر
عرفت مصر تربية الدواجن منذ فجر التاريخ، لكن تلك التربية تحولت إلى صناعة بقرار من القيادة السياسية في 1964م، بإنشاء المؤسسة العامة للدواجن في ذاك الوقت. ورغم ما حققته تلك الصناعة من إنجازات في مقدمتها تحقيق الاكتفاء الذاتي من البيض ولحوم الدواجن، فقد واجهت العديد من المشكلات البنيوية والتنظيمية. من هنا كانت وجاهة القرار السديد الرشيد الذي اتخذته القيادة السياسية في يونيو 2021م، ممثلة في توجيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لمجلس الوزراء، بتشكيل لجنة عليا لتنظيم الصناعة. وهو قرار لا يقل محورية وخطورة في رأينا عن القرار المؤسس في 1964م. لهذا استقبلته الصناعة بمزيد من الحفاوة والبشر، قبل أن تظهر بعض الإشكاليات عند تنفيذ التوجيه. فقد تقرر تعديل تشكيل اللجنة 222 والتي كانت من قبل معنية بنظر طلبات استيراد الدواجن، بإضافة كوادر علمية ومهنية لها وعضو من كبار المنتجين وعضو من صغار منتجي الدواجن. وكانت لنا على هذا التشكيل عدة ملاحظات:
(1) حتى تكون تلك اللجنة العليا “عليا” بحق، ينبغي لها أن تكون قمة هرم، قاعدته هي قواعد الصناعة ذاتها. بحيث يكون لاستشاري الدواجن الممثل في العليا لجنة من الاستشاريين يتشاور معها ويمثلها هو في اللجنة المركزية، ولاستشاري التغذية مثلها، وهكذا دواليك. بهذا تتمكن اللجنة من إدارة حوار مجتمعي حقيقي بمستوى الصناعة، وتمثل وعاءا فكريا قادرا على التطوير والتنظيم! ولا تتحول إلى لجنة ضمن اللجان الحكومية العديدة.
(2) كانت اللجنة 222 لجنة حكومية بالأساس، تمثل فيها وزارات التموين والزراعة والداخلية، وكان هدفها تقدير الفجوة الغذائية حاول توقع حدوثها. لكن العليا لتنظيم الصناعة بحاجة أكثر إلى زيادة الكوادر المتخصصة، وإلى تمثيل السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الزراعة، والسلطة التشريعية ممثلة في عضو من لجنة الزراعة في مجلس النواب. مع زيادة الكوادر المتخصصة من أساتذة الدواجن والفيروسات وتغذية الدواجن وإدارة المزارع …. الخ.
(3) ينبغي للجنة العليا أن تضع نصب أعينها المشاكل البنيوية والاستراتيجية للصناعة، ووضع خطط خمسية لمواجهتها بأهداف متدرجة، كما يتحتم عليها الاجتماع الدوري لمناقشة المشاكل الحالة والملحة التي تواجه الصناعة ومواجتها. بهذا تشعر قواعد الصناعة بدور مباشر للجنة وتصطف خلفها.
الخبر الجيد هنا أن الفرصة مازالت سانحة لتعديل التشكيل، فالتوجيه الرئاسي المرن لم يتطرق للتشكيل وتركه للمتخصصين، ومازال للجنة دور مفقود تتطلع نحوه صناعة الدواجن، وهو الخطة المنهجية بمستوى الدولة للتطوير والتنظيم، والتي تنضوي تحتها كل القرارات لتصب باتجاه واحد نحو خدمة تلك الصناعة التي نعدها ركيزة من ركائز أمننا القومي.