رئيس بحوث بمعهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية ومدير عام الحياة البرية بوزارة الزراعة الاسبق
تُعد هجرة الطيور واحدة من عجائب العالم الطبيعي، وعجائب تدبير الله سبحانه وتعالى في خلقه، حيث يهاجر ما يقرب من نصف أنواع الطيور كل عام، في موعد ثابت، و هي رحلة موسمية، تقوم بها اسراب الطيور بالسفر لآلاف الأميال في بعض الأنواع لتجنب الشتاء البارد.
و يصل كل نوع من الطيور المهاجرة إلى هدفها في وقت واحد يتطابق مع الوقت التي وصلت فيه في العام السابق، و تستمر الطيور المهاجرة في رحلتها بدون انقطاع لمدة تصل إلى100 ساعة مع نظام تحديد دقيق للإتجاهات. و بعض الأنواع لها القدرة على الطيران لمسافات طويلة، ليلا ونهارا، دون توقف. لآلاف الكيلومترات بدون طعام أو ماء في بعض الأنواع.
كما أن هناك بعض أنواع الطيور المهاجرة لها محطات استراحة خلال خطوط الهجرة الخاصة بها، حيث أنه لكل نوع من الطيور المهاجرة خط هجرة و محطات استراحة خاصة به،ومن هنا تأتي أهمية تصنيف الطيور المهاجرة عند دراسة دورها في نقل الأمراض الوبائية.
و من الجدير بالذكر أن الطيور المهاجرة لا يمكن أن تتصل بطريقة مباشرة مع طيور المزارع، لا سيما أن التربية في مصر بنظام العنابر المغلقة.
هجرة الطيور والأمراض الوافدة
لذا كانت هناك حتمية وجود دور رئيسي و مهم للطيور البرية المتواجدة في البيئة المصرية، و التي يمكن أن تكون همزة الوصل بين الأمراض الوافدة من الطيور المهاجرة و طيور المزرعة.
و لأهمية الموضوع من الناحية الوبائية، و التي لا يكفي فيها العديد من الصفحات لطرحها، فسوف نقتصر هنا على ذكر الأنواع الرئيسية من الطيور البرية في البيئة المصرية، و التي تلعب الدور الرئيسي و همزة الوصل بين الطيور المهاجرة و طيور المزرعة:
الأنواع الرئيسية في حركة هجرة الطيور
1- الغراب hooded crow (Corvus cornix)
ويتميز الغراب بالآتي:
- طائر فائق الذكاء، من الأنواع الغازية التي تنتشر في البيئة المصرية بشكل سريع،
- متعدد الغذاء، فيمكنه أن يتغذى على الحبوب، بقايا الطعام أو حتى على جثث الطيور و الحيوانات النافقة.
- ليس هذا فحسب، بل و يمكنه أن يخبئ الغذاء الزائد عن حاجته في حفر صغيرة..
- لم ننته بعد من هذا الطائر الذكي ، و لكن أيضا إذا رآه غراب آخر أثناء اخفاء غذاءه، فسوف يقوم بالحفر بعد مغادرة صاحب الغذاء ، و سرقة غذاءه…
- لنا أن نتخيل الدور و المسافات التي يمكن من خلالها أن ينقل طائر بهذا السلوك الأمراض الوبائية من منطقة إلى أخرى.
2- طائر السنونو barn swallow (Hirundo rustica)
صفات هامة في طائر السنونو
- قد يكون له دور خطير في نقل الأمراض من الطيور المائية المهاجرة إلى طيور المزارع.
- يبدأ التعشيش من أواخر شهر يناير، و ذلك بجمع الطين من ضفاف التجمعات المائية، عذبة أو مالحة.
- يبني اعشاشه من الطين داخل عنابر الدواجن و مخازن الاعلاف.
- ليس هذا فحسب، بل إنه يبطن هذه الاعشاش الطينية بريش الطيور ، و التي قد تكون نافقة.
- و لذلك نجد أن اصابات انفلونزا الطيور في مزارع الدواجن تصل إلى قمتها في شهر فبراير من كل عام ( بدء موسم التكاثر في الطيور البرية المقيمة في البيئة المصرية) و ليس في الشتاء كما يعتقد البعض.
3- العصافير الدورية house sparrow (Passer domesticus)
طائر واسع الانتشار في البيئة المصرية، و يجمع خلال موسم التكاثر (من آخر يناير و حتى آخر ابريل) القش و ريش الطيور لبناء الاعشاش، و التي دائما تكون في أماكن النشاط السكاني.
4- اليمام البري
laughing dove (Spilopelia senegalensis)
متواجد بكثرة حول مخازن الاعلاف و منتشر في البيئة المصرية، و ينشط في بناء الاعشاش للتكاثر أيضا من آخر يناير و حتى نهاية أبريل
5- أبو قردان cattle egret (Bubulcus ibis)
من الطيور الواسعة الانتشار في البيئة المصرية و التي قد تلعب دورا مهما في نقل الأمراض بين مزارع الإنتاج الحيواني والداجني، نحن بحاجة إلى تكثيف الدراسة على الطيور البرية المقيمة في البيئة المصرية، و دراسة سلوكياتها و التي قد تؤثر بشكل كبير في انتشار الأمراض الوبائية و التأثير سلبيا على الإنتاج الحيواني.