ift

دور «تكنولوجيا النانو» في حفظ اللحوم

بقلم  الدكتور  جمال عمران – باحث ميكروبيولوجي – معهد بحوث الصحة الحيوانية – فرع سوهاج – مركز البحوث الزراعية- مصر

تعد اللحوم المصدر الرئيسي للبروتين بالنسبة للمستهلك، ولكن في السنوات الأخيرة أدى زيادة استهلاك للحوم إلى تعرضها للتلوث البكتيري سواء من البيئة المحيطة أو خلال مراحل الإنتاج المختلفة أو أثناء التخزين والتوزيع، مما يشكل تهديدًا “مباشرًا” لصحة المستهلك.

وقد استدعى ذلك استخدام مواد كيميائية للحفظ لتجنب تلف اللحوم ومنتجات ، ولكن تبين أن هذه المواد لها آثار ضارة على الصحة العامة. ومع التقدم العلمي وظهور تكنولوجيا النانو، ظهرت حلول عملية لإرضاء منتجي اللحوم والمستهلكين.

وقد استبدلت هذه المواد السامة بمواد آمنة تستخدم لحفظ الأغذية المشتقة من الحيوانات بشكل فعال وآمن، وأصبح لدى المستهلكين الآن منتج عالي الجودة يمكن تخزينه وحفظه لفترات طويلة دون تلف أو تعفن ودون التأثير على الصحة العامة.

و مع ذلك تظل هناك هيئات و منظمات دولية معنية بسلامة الاغذية اثبات انه من منظور الحفاظ علي صحة المستهلك و سلامته يجب دراسة بعض النقاط الهامة قبل الشروع في استخدام تلك التقنية خاصة المرتبطة بالاكاسيد المعدنية و التي سوف نذكرها في نهاية المقالة.

النانوتكنولوجي:

يعرف النانو علي أنه ذلك العلم الذي يعني بدراسة معالجة المادة على المقياس الذري والجزيئي، حيث يختص النانوتكنولوجي باستحداث تقنيات وطرق جديدة تقاس أبعادها بالنانومتر وهو جزء من الألف من الميكرومتر أي جزء من المليون من الملليمتر وهو أدق وحدة قياس مترية معلومة حتى الآن توفر مجموعة واسعة من الفرص لتطوير منتجات وتطبيقات مبتكرة في النظام العالمي.

تكنولوجيا النانو:

إنتاج جزيئات صغيرة ذريًا من مواد أساسية لاستخدامها في العديد من المجالات والصناعات، بما في ذلك المستحضرات الصيدلانية والأغذية والإلكترونيات ومستحضرات التجميل. كلمة (نانو) هي كلمة يونانية تعني القزم أو متناهية الصغر. وتبلغ وحدة النانو جزءًا واحدًا من المليار من المتر وتتعامل مع المواد التي يتراوح قطرها بين 1 إلى 100 نانومتر.

وتكنولوجيا النانو هي تكنولوجيا لديها القدرة على إحداث تحول في المجتمع من خلال تخليق مواد جديدة وفريدة من نوعها علي هيئة أجهزة او تطبيقات او حتى آلات جديدة في مجالات الهندسة والتكنولوجيا والتصوير والمقاييس.

تتميز المواد المولدة بالنانو بخصائص فيزيائية وكيميائية وبيولوجية مختلفة بطرق أساسية ومهمة. على سبيل المثال، يمكن أن تصبح أكثر صلابة أو أقوى، أو أكثر توصيلاً للكهرباء أو الحرارة، أو لها خصائص مغناطيسية محسّنة أو تغير لونها وفقاً لحجمها. ونتيجة لهذه الخصائص، يمكن استخدام تكنولوجيا النانو لتوجيه عملية إنشاء مواد وأجهزة وأنظمة محسنة.

تُعد تقنية الجسيمات النانوية تقنية تركيب يتم استخدامها بشكل متزايد للتغلب على قيود توصيل الدواء عن طريق الفم. وتتمتع الجسيمات النانوية بالعديد من المزايا، بما في ذلك صغر حجم الجسيمات ومساحة السطح الكبيرة ومساحة السطح القابلة للضبط. ومن المعروف أن صغر حجم الجسيمات يزيد من معدل انحلال الأدوية.

إن التطور السريع والمستمر و التباين الجيني للكائنات الحية الدقيقة، المدفوع بظهور طفرات جينية جديدة تمنح مقاومة للأدوية، يتطلب تطوير أدوية جديدة أكثر فعالية. و يعتقد ان تكنولوجيا النانو  سوف تقدم الكثير من الحلول على الرغم من صغر حجمها، إلا أنها تتمتع بمساحة سطح كبيرة والاعتقاد السائد بان تلك الجزيئات النانوية يمكنها معالجة التفاعلات المهمة التي تحدث داخل الخلايا بشكل أكثر ملاءمة.

وتعتمد فكرة استخدام الجسيمات النانوية على إعادة ترتيب الذرات التي تتكون منها المادة في الموضع الصحيح. وتعتمد خواص هذه المنتجات على كيفية ترتيب هذه الذرات، والتلاعب بالمادة على المستوى الذري أو الجزيئي النانوي لخلق ترتيبات مبتكرة وتجمعات ومواد جديدة ذات خواص غير موجودة بشكل طبيعي، وإمكانية تحريك الذرات والجزيئات بدقة لإحداث تفاعلات كيميائية.

مزايا النانو في حفظ اللحوم : يعتقد من خلال الأبحاث و الدراسات التي أجريت علي استخدام تلك التقنية أن لها فوائد عديدة منها علي سبيل المثال لا الحصر :

  • إطالة فترة صلاحية اللحوم ومدة صلاحيتها بسبب نشاطها المضاد للميكروبات.
  • استخدام التغليف الذكي مع القدرة على الكشف عن تلف الأغذية في مرحلة مبكرة، والحفاظ على سلامة المستهلك وصحته.
  • الحفاظ على سلامة الأغذية وتحسينها من خلال تسهيل الكشف عن مسببات الأمراض.
  • التأثير بالإيجاب علي المراحل التي يمر بها الغذاء (السلسلة الغذائية) من الإنتاج إلى المستهلك.
  • تقليل التلوث وإنتاج أغذية عالية الجودة.

انواع تطبيقات النانو في حفظ اللحوم:

  • التطبيقات الداخلية : وتهدف على تحسين الغذاء نفسه (مثل تحسين الامتصاص ومحسنات الطعم).
  • التطبيقات الخارجية: تهدف الى إطالة العمر الافتراضي للغذاء عن طريق الاتصال المباشر بين الغذاء و المواد النانوية

فوائد تطبيقات الجسيمات النانوية في حفظ اللحوم:

  • دعم سلامة اللحوم وإطالة فترة الصلاحية:

تضمين أحبار ذكية تحتوي على جسيمات نانوية حساسة للأكسجين وحساسة للضوء في عبوات الأغذية، حيث يؤدي التعرض لأي منها إلى تغيير لون الحبر، مما يسمح للمستهلكين بالتعرف بسهولة على صلاحية الغذاء داخل العبوة ، وفيما يسمى بالتغليف الذكي حيث يمكن التعرف علي مستوي و مدي التدهور فى جودة المادة الغذائية و صلاحيتها للاستهلاك.

  • إنتاج مركبات نانوية نشطة:

تتم معالجة السطح الخارجي للعبوة بطبقة رقيقة وشفافة مضادة للأكسدة يقل سمكها عن 5 نانومترات، وتستخدم لحفظ وتغليف الأغذية القابلة للتلف مثل اللحوم، حتى بعد فتحها.

كما يتميز أيضًا بقدرته على تكسير الملوثات العضوية والبكتيرية ومقاومة الكائنات الدقيقة (مثل جسيمات الفضة وأكسيد الزنك النانوية) التي قد تتراكم على السطح الخارجي للأغذية أثناء التخزين. بالرغم من أن استخدام تلك الأكاسيد عليها ملاحظات عديدة كما ذكرنا سابقا”

تُصنع هذه الجسيمات النانوية من قوالب البوليمر وتتمتع بمواصفات ميكانيكية ووظيفية ممتازة تسمح بالتحكم في أبعاد فتحات المسام وتمنع تبادل الماء والغازات مع الوسط الخارجي، مما يؤثر على توزيع الملونات والمنكهات ومضادات الأكسدة والإنزيمات.

  • العبوات النانوية الحافظة للأغذية:

تُستخدم لإطالة مدة الصلاحية وتحسين النكهة واللون والقيمة الغذائية، ويمكن أن تنتج العبوات النانوية عبوات قادرة على امتصاص النكهات والروائح غير المرغوب فيها المتولدة داخلها وتعمل على إزالة ثاني أكسيد الكربون والأكسجين إلى الخارج. يمكن أيضًا إطلاق بعض المواد الكيميائية النانوية، مثل مضادات الميكروبات ومضادات الأكسدة داخل العبوة.

الخلاصة :

تعمل الجسيمات النانوية على تثبيط النشاط الميكروبي في الغذاء بشكل آمن وفعال، وتقضي على مسببات الأمراض وتطيل العمر الافتراضي للأغذية. هناك بعض التوصيات بتطبيق هذه التقنية الجديدة على نطاق أوسع في مجال إنتاج وتخزين الأغذية ذات الأصل الحيواني نظرًا لفعاليتها وانخفاض تكلفتها.

ونظرًا لخصائصها الممتازة والقدرة الكبيرة التي تم الحصول عليها نتيجة التحكم في حجم وترتيب الجزيئات المكونة لها، يوصى بتطبيق هذه التقنية الجديدة على نطاق أوسع في مجال إنتاج وتخزين الأغذية ذات الأصل الحيواني.

ويزيد صغر حجم هذه المواد ومساحة سطحها الكبيرة من قدرتها على اختراق أغشية الخلايا وتلعب دورًا “كبيرًا” في تثبيط النشاط الميكروبي والقضاء عليه بشكل فعال، وبالتالي الحفاظ على جودة المنتج والحفاظ على الطعام لأطول فترة ممكنة دون تلف.

وكما ذكرنا في بداية المقال من ضرورة دراسة بعض النقاط الهامة و ذلك اعتمادًا” علي النتائج الأولية للإرشادات الصادرة عن اللجنة العلمية التابعة للهيئة الأوربية لسلامة الغذاء ( E FSA,2020 ) بضرورة إجراء دراسات إضافية للتحقق من مدى قدرة تلك الجزيئات في إحداث السمية الإنجابية و المزمنة و السمية المناعية و الحساسية

و اتباع نهج توصيف المخاطر و حساسية عدم اللابقة (uncertainty )   و ذلك باجراء مزيد من البحث العلمي في هذا المجال و منها:

  • نظرًا لقدرة تلك المواد من اختراق الخلايا يمكن أن تتسبب في حدوث استجابة سامة داخل الخلايا و بالتالي ينبغي ضرورة الكشف عن امكانية حدوث السمية الخلوية Cytotoxicity .
  • هل الجسيمات النانوية تتحلل كاملة الى أيونات ؟ أم أنها قد تعيد بشكل الطور البلوري مع روابط جزيئية أخري داخل أمعاء الكائن الحي و الأنسجة ؟
  • دراسة التفاعلات التي قد تنشأ من الأكاسيد المرتبطة بالنانوية ( ZnO NPS) على سبيل المثال وبين الأغذية المختلفة
  • السمية المحتملة التي تسببها الأكاسيد النانوية بعد الاستخدام طويل الأمد
  • هل يمكن أن يلعب حجم و جرعة و مدة التعرض للجزيئات النانوية خاصة المرتبطة بلأكاسيد المعدنية فى حدوث آثار غير مرغوب فيها بالجسم؟

المراجع:

Arfat, Y. A., Ejaz, M., Jacob, H., & Ahmed, J. (2017). Deciphering the potential of guar gum/Ag-Cu nanocomposite films as an active food packaging material. Carbohydrate Polymers, 157, 65–71.

Benjakul, S.; Visessanguan, W.; Phatchrat, S. and Tanaka, M. (2003). Chitosan affects transglutaminase-induced surimi gelation. Journal of Food Biochemistry, 27, 53-66.

Bošković, M., Baltić, Ž.M., Ivanović, J., Dokmanović, M., Janjić, J., Lončina, J. and Baltić, T. (2013). Nanotechnology and its potential applications in meat industry Tehnologija mesa, 54(2): 168–175.

 

Duncan TV (2011): Applications of nanotechnology in food packaging and food safety: Barrier materials, antimicrobials and sensors. J. Colloid Interface Sci. 363:1-24.

Kumar C (2006): Nanomaterials: Toxicity,Health, and Environmental Issues, 1st Ed., Nanotechnologies for the Life Sciences Vol 5.Wiley-VHC,Weinheim, Germany.

Rai M, Yadav A, Gade  A (2009): Silver nanoparticles as a new generation of antimicrobials. Biotechnol Adv. 27:76–83.

Youssef, A. M., & El-Sayed, S. M. (2018). Bionanocomposites materials for food packaging applications: Concepts and future outlook. Carbohydrate Polymers, 193, 19–27.

Comments are closed.