ift

د خالد شوقي يكتب:ماهي الإشتراطات الصحية في مصانع إنتاج الألبان ومنتجاتها؟

>> شوقي: الاضافات الكيميائية والسموم الفطرية والسلامة للمستهلك التحدي الاكبر لمصانع الالبان

رئيس بحوث – معهد صحة الحيوان – مركز البحوث الزراعية- مصر

تُعد صناعة الألبان ومنتجاتها من القطاعات الغذائية الحيوية التي تؤثر مباشرة في صحة المستهلكين مما يجعل تطبيق الاشتراطات الصحية فيها أمراً لا غنى عنه. ومع تزايد الاعتماد على الإضافات الصناعية والكيميائية لتحسين المظهر أوالجودة بصفة عامة وكذلك الصلاحية للاستهلاك تبرز تحديات جديدة تتعلق بجودة المنتجات وسلامتها. منها ارتفاع معدلات السموم الفطرية في الألبان والتي قد تشكل تهديداً صامتاً يتطلب وعياً عميقاً وإجراءات وقائية صارمة.المخاطر ومن خلال هذا المقال سوف نتعرف على بعض المخاطر المرتبطة بالمواد المضافة والمستخدمة في صناعة منتجات الالبان

المخاطرالمرتبطة بالإضافات الصناعية والكيميائية

تُستخدم الإضافات الكيميائية في مصانع الألبان لأغراض متعددة مثل اضافة نترات الصوديوم في تصنيع الجبن خاصة الجبن الجاف والنصف جاف (لتثبيط نمو بكتيريا  الكلوستريديوم) أو تحسين اللون (مثل التارتارازين) وهي صبغة غذائية صفراء اصطناعية يمكن استخدامها في العديد من منتجات الألبان (الزبادي الملون بنكهات الفاكهة مثل الليمون أو الأناناس) مما يجعل المنتجات جذابة بصريًا ومتناسقة في المظهر.

أو إستخدام الإضافات الصناعية في تعزيز النكهة (مثل غلوتامات الصوديوم) والذي قد نجده في بعض المنتجات المصنعة القائمة على الألبان كدهن الجبن المنكه ومنتجات الجبن المعالج والصلصات التي أساسها الألبان والوجبات الخفيفة المالحة التي أساسها الزبادي.

مخاطر الإضافات الصناعية علي سلامة الغذاء

ورغم الفوائد العديدة التكنولوجية لتلك الاضافات فإن الإفراط في استخدامها أو عدم الالتزام بالكميات المسموح بها دولياً (كمعايير هيئة الدستور الغذائي CODEX) . فقد تؤدي إلى مخاطر جسيمة منها على سبيل المثال:

  1. تأثيرات على الجودة: يؤدي استخدام الإضافات الغير معلومة المصدر او المغشوشة فقدان المنتج قيمته الغذائية كتدمير الفيتامينات أو البروبيوتيك المفيدة في اللبن الرائب.
  2. مخاطر صحية: ترتبط بعض المواد الحافظة بزيادة احتمالية الإصابة بالحساسية أو اضطرابات الجهاز الهضمي بل وقد تسهم في أمراض مزمنة كالسرطان مع الاثر التراكمي على المدى الطويل كما يزيد من مخاطر التسمم الغذائي والتأثير المباشر على صحة المستهلك.
  3. خداع المستهلك: تُستخدم ألوان صناعية لإعطاء منتجات كالجبن مظهراً طازجاً حتى بعد تلفها مما يعد نوعاً من انواع الغش الذي يؤثر على الجودة او قد يتسبب في مخاطر التسمم الغائي الكيميائي.

الإضافات والنكهات الطبيعية

لذا يشترط اعتماد إضافات مصرح بها دولياً مع مراقبة تركيزاتها بدقة ويفضل التحول نحو البدائل الطبيعية قدر المستطاع كمادة حافظة في مصانع الالبان مع مراقبة تركيزاتها بدقة مثل استخدام

  • حمض الستريك: Citric acid 

وهو يستخرج من الحمضيات كالليمون والبرتقال ويستخدم في الاجبان واللبن الرايب ويعمل كمضاد للميكروبات ومضاد للأكسدة ويحافظ على نضارة المنتج ويمنع تغير اللون لتحقيق توازن الحموضة وتعزيز النكهة الطبيعية

  • خلاصة اكليل الجبل:  Rosemary Extract

ويستخرج من نبات الروزماري ويحتوي على مضادات اكسدة طبيعية مثل حمض الروزمارينيك والتي تمنع تزنخ الدهون وتحافظ على جودة المنتجات ويضاف إلى الألبان كاملة الدسم والزبدة لتقليل الاعتماد على المواد الحافظة الصناعية.

  • النيسين: Nisin

وهو عبارة عن بروتين ينتج من بكتيريا حمض اللاكتيك وهو فعال ضد البكتيريا الضارة مثل Listeria وClostridium ويستخدم خاصة في الأجبان المطبوخة ومنتجات الألبان المعبأة  ويعتبر امن على صحة المستهلك طبقاً لما اقرته المنظمات الدولية المعنية بسلامة الأغذية (FDA, WHO & CODEX).

  • العسل: Honey

يحتوي على إنزيمات طبيعية وخصائص مضادة للميكروبات بسبب احتوائه على بيروكسيد الهيدروجين ويضاف إلى اللبن المُنكّه أو الحلويات القائمة على الألبان كبديل للسكر الصناعي

  • الخل:    Vinegar

يعمل على تخفيض درجة الحموضة (pH) مما يمنع نمو البكتيريا والفطريات ويستخدم في منتجات الألبان المخمرة مثل اللبن الرائب.

  • النباتات الطبيعية (الزعتر – الاوريجانو) Thyme – Oregano

وهي تحتوي على زيوت عطرية مثل الثيمول والكارفاكرول والتي تتميز بخصائص مضادة للبكتيريا وتضاف إلى الأجبان أو الحليب المنكه لتعزيز النكهة والحفظ.

  • الفيتامينات:    Vit E & C

تعمل كمضادات أكسدة طبيعية تمنع تلف الدهون وتحافظ على نضارة لون المنتج .. فيتامين E يُستخدم في منتجات الألبان الغنية بالدهون وفيتامين C في العصائر المدعمة.

  • الزيوت الأساسية (مثل زيت القرنفل)  Clove oil    

يحتوي على مركبات مثل اليوجينول المضادة للفطريات والبكتيريا  ويستخدم بتركيزات منخفضة في الحليب المبستر أو المجفف

  • البكتيريا النافعة (البروبيوتيك) Probiotics 

تحافظ على التوازن الميكروبي في المنتجات وتعمل على تثبط نمو الميكروبات الضارة  وتُضاف إلى اللبن الزبادي ومنتجات الألبان المخمرة. مع مراعاة ان لن لاتؤثر المواد الحافظة الطبيعية على طعم أو قوام المنتج النهائي واستخدام التركيزات الامنة من خلال التأكد من الامتثال للمعايير الدولية الخاصة بالاضافات الغذائية

 

العوامل المسببة لارتفاع السموم الفطرية في الألبان Aflatoxins

السموم الفطرية مثل “الأفلاتوكسين M1”  هي مركبات سامة تنتجها الفطريات وتنتقل إلى الحليب عبر أعلاف الحيوانات الملوثة.

5 اسباب تعمل على زيادة كميات السموم الفطرية في الحليب مما يجعله يشكل خطورة على صحة المستهلك سواء الحليب الخام او المنتجات التي تصنع من الحليب الملوث بالافلاتوكين: –

  1. تلوث الأعلاف: يعد تخزين الحبوب والأعلاف في بيئات رطبة ودافئة بيئة مثالية لنمو فطريات Aspergillus المنتجة للسموم الفطرية.
  2. إهمال فحص الأعلاف: عدم إخضاع علف الحيوانات لفحوصات دورية لكشف مستويات الأفلاتوكسين B1 (الذي يتحول إلى M1 في حليب الأبقار).
  3. عوامل بيئية: التغيرات المناخي كالفيضانات وموجات الحر تزيد من نمو الفطريات في المحاصيل الزراعية.
  4. عدم كفاءة المعالجة: بعض عمليات البسترة أو التصنيع لا تقضي على السموم الفطرية بسبب مقاومتها للحرارة.

5- شراء الاعلاف من مصادر غير موثوق فيها: حيث قد تحتوي على مستويات مرتفعة من السموم الفطرية

آليات تعزيز الاشتراطات الصحية للحد من المخاطر

لضمان جودة الألبان يجب اتباع إجراءات متكاملة بطول السلسلة الغذائية والتي تتمل على: –

أولأ: مراقبة سلسلة التوريد

بدءاً من زراعة الأعلاف وحتى تعبئة المنتج ونقله وتخزينه مع تطبيق ممارسات الزراعة الجيدة (GAP) لتقليل تلوث المحاصيل.

ثانيـــــــاً: تحسين ظروف التخزين

تخزين الأعلاف في مستودعات جافة وباردة مع تهوية جيدة واستخدام مثبطات نمو الفطريات عند الضرورة.

ثالثــــــاً: الرقابة على الإضافات

إلزام المصانع بإجراء تحاليل دورية للتأكد من مطابقة الإضافات للمواصفات القياسية.

رابعـــــاً: التوعيــــة

توعية المزارعين والمشاركين في السلسلة الغذائية واصحاب المصلحة والمنتجين بمخاطر الأعلاف الملوثة على صحة المستهلك وتشجيعهم على استخدام كواشف سريعة للكشف عن السموم.

خامســــــاً: استثمار التكنولوجيا الحديثة

مثل استخدام الفلاتر النانوية في إزالة الأفلاتوكسين من الحليب أو تطوير أغشية حيوية مضادة للفطريات.

دور معهد بحوث الصحة الحيوانية في ضمان سلامة الأعلاف ومنتجات الألبان 

يلعب معهد بحوث الصحة الحيوانية دورًا محوريًا في تعزيز سلامة الأعلاف الحيوانية ومنتجات الألبان من خلال مهام متكاملة تشمل الفحص العلمي والإرشاد الفني والتنسيق مع الجهات المعنية. وفيما يلي أبرز أدوار المعهد في هذا الشأن:

  1. فحص الأعلاف الحيوانية وتقييم مخاطرها الصحية

يقوم المعهد بتحليل عينات الأعلاف لتحديد مدى توافقها مع المعايير الصحية مثل:

أ- الكشف عن السموم الفطرية (مثل الأفلاتوكسين) التي تنتقل من الأعلاف الملوثة إلى الحليب ومنتجاته مما يؤثر على صحة المستهلكين .

ب- فحص بقايا الملوثات الكيميائية مثل المبيدات الحشرية أو المعادن الثقيلة التي قد تتسرب إلى الأعلاف بسبب سوء التخزين أو الممارسات الزراعية غير الآمنة .

ت- تقييم القيمة الغذائية للأعلاف لضمان تلبيتها لاحتياجات الحيوانات دون الإضرار بجودة الحليب .

  1. تقديم المشورة الفنية لاصحاب المصلحة ومصانع الألبان

يوفر المعهد إرشادات عملية من نشرات ارشادية وتنظيم دورات تدريبية للاطباء من داخل وخارج القطر للتوعية بكيفية تطبيق الممارسات الجيدة لضمان سلامة السلسلة الغذائية مثل: _

أ- الطرق السليمة لتخزين الأعلاف: كتجنب التخزين في أماكن رطبة أو مكشوفة لتقليل نمو الفطريات .

ب- تدريب العاملين على تطبيق ممارسات النظافة الصحية (GHP) أثناء عمليات الحلب والتعبئة ووكذلك الممارسات التصنيعية الجيدة (GMP) اثناء التصنيع والتداول ةالتخزين والتسويق.

  1. التعاون مع الجهات التنظيمية لوضع السياسات

يعمل المعهد مع وزارة الزراعة والهيئة العامة للخدمات البيطرية وهيئة سلامة الغذاء على:

1- تحديث التشريعات: مثل تحديث الحدود قصوى للسموم الفطرية في الأعلاف والحليب استنادًا إلى توصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) وهيئة الدستور الغذائي (CODEX) والاتحاد الاوروبي (EU) بالاشتراك مع الجهات التشريعية.

2– إنشاء وحدة لتحليل بيانات نتائج الفحص المعملية للوقوف على الوضع العام لمستويات التلوث بالاعلاف والالبان ومنتجاتها

3- تصميم تطبيقي للابحاث العلمية لكيفية استبدال الاضافات الكيميائية باخرى طبيعية تحقيقاً لرغبة المستهلك وتلبية لاحتياجاته.

4- البحث العلمي والتطوير التكنولوجي 

يساهم المعهد في ابتكار حلول لتحديات صناعة الألبان مثل:

1- استخدام تقنيات التكنولوجيا الحيوية  المضادة للفطريات لإنتاج البان  امنة ذو جودة عالية.

2- دراسة تأثير الإضافات الطبيعية على مكونات منتجات الحليب وتقديم بدائل آمنة للمواد الكيميائية تحقيقاً لرغبة المستهلك وتلبية لاحتياجاته.

5-  التوعية المجتمعية وبناء الثقة

ينظم المعهد حملات توعوية وندوات ارشادية وقوافل علاجية تستهدف:

أ- المنتجين واصحاب المصلحة: لشرح مخاطر الأعلاف الملوثة على منتجات الألبان وكيفية اختيار منتجات آمنة.

ب- مصانع الالبان: لتشجيع اعتماد شهادات الجودة التي تضمن خلو منتجات الالبان من السموم .

الآثار المترتبة على دور المعهد في مجال سلامة الغذاء 

أ- خفض معدلات الأمراض المنقولة بالغذاء: مثل التسمم بالأفلاتوكسين الذي يرتبط بتلف الكبد .

ب- تحسين سمعة المنتجات المصنعة محلياً: من خلال ضمان مطابقتها للمعايير الدولية مما يدعم تصديرها .

ت– تعزيز الاستدامة الزراعية: عبر تقليل الاعتماد على المواد الكيميائية في صناعة الالبان.

مما سبق يتضح انه من الضروري تطبيق الاشتراطات الصحية والتصنيعية في مصانع الألبان استثماراً في صحة المجتمع وسمعة الصناعة.

فمن خلال توحيد الجهود بين الحكومات (عبر تطبيق التشريعات الصادرة) والمصانع (بالتزامها بالمواصفات والتطوير والتحديث من خلال استبدال الاضافات الطبيعية بديلاً عن الصناعية) وكذلك بتوعية المستهلكين عند الشراء يمكن خفض المخاطر الكيميائية والبيولوجية إلى الحد الأدنى.

فقط باتباع نهج علمي واستباقي تتحول الأزمات المحتملة إلى قصص نجاح في جودة الغذاء.

كما يمثل معهد بحوث الصحة الحيوانية حلقة الوصل بين العلم والتطبيق في صناعة الألبان حيث تُترجم الأبحاث إلى إجراءات وقائية ملموسة.

ومن خلال هذا التكامل بين الفحص الدقيق والإرشاد الفعال يسهم في بناء نظام غذائي آمن يُحافظ على صحة المستهلكين ويعزز الثقة في المنتجات الوطنية.

Comments are closed.